أن وجدت نفسك في صفحات دفاترهم..وقلبت الصفحات فيها..
ورأيت حلم رسمته معهم..
وقصر بنيته في حقولهم..
وشممت بين الصفحات عطرهم..
وبقايا الورد الذي اهديتهم..
والتمست على الصفحات دموعهم..
وقرئت بين السطور وعودهم..
وانتهت بك الصفحات الى قرار عنك يبعدهم..
فلا تنـــــــــــــــــــــدم
ان وقفت امام مرآتك..
ولم تستطع تذكر ملامح وجهك
ولمحة في عينيك ذلك الكم من جيوش الاحزان
والتمست بقايا دموعك على وجنتيك
وأطفئت الأنوار في غرفتك
وجلست في الركن البعيد كالطائر الصغير
وتذكرت ملامحهم وتفاصيلهم معك
وضممت رأسك بين يديك وبكيت بكاء الاطفال
وأوصيت الظلام ان يستتر لحظات ضعفك بدونهم..
لأنك خسرتهم..
ولأنهم رحلوا...
ولأن الدنيا أظلمت في عينا قلبك من بعدهم...
وضاق بك الوجود بدونهم..
فأنت تعلم بأنهم ابـــداً لن يعودو اليك يوما.
فلا تنـــــــــــــــــــــدم
أن انتقيت الوانهم وعطرهم
وتحدثت بحديثهم...
واكتشفت بأنهم يسكنون أعماقك اكثر منك..
وبكيت على قلبك وعلى مشاعرك
حين غادروك وانت في امس الحاجة اليهم..
وعلمت بعد حين بأنهم اختارو سواك..
وتجاهلوك.. وتجاهلو الآمك..
وأحزانك.. ودموعك.. واشتعالك.. وانطفائك.. ومعاناتك.. وضياعك.. ورحيلك.. وغيابك..
فلا تنـــــــــــــــــــــدم
أن مددت يديك اليهم..
وانتشلتهم من بحور أحزانهم...
وأنتقيت الشوك من على دروبهم..
وأحتسيت المرار من أجلهم..
وأرتضيت فوق همك بلائهم..
واستيقضت ليلا ..لكي تدعو لك ولهم..
وتتوسل الله أن يحفظهم..
وتتضرع الى الله أن يجمع بينك وبينهم...
وتسئل الله بتعطش أن يبقيهم..
ثم فتحت عينك لتجد نفسك في نصف الطريق بدونهم..
يختفون من حياتك..
مخلفين في ظهرك خنجرهم..
تاركينك لليل موحش ..
وذئب مسعور ..وأعصار يعصف بك حنيناً اليهم..
فلا تنـــــــــــــــــــــدم
أن أكتشفت بأن الزمان لم يعد زمانك..
وأن قلوبهم ماعادت تسعك..
وأنك بعدما أفنيت عمرك..
وأنتظرتهم وفقدت صبرك..
ورجيت حضورهم بدمعك..
تخلو عنك..وكالأطلال خلفوك..
وقد انتهو منك ..
واثبتو بأنك انتهيت..
وانتهت صلاحيتك..
فلا تنـــــــــــــــــــــدم
أن وجدت نفسك في بلاد غريبه..
حامل بين ذراعيك صندوقك الملئ بأحزانك..
وكأنك تريد الفرار من ذاكرتك الى البعيد..
حيث الوجوه الجديده والاعين التي تجهلها ولا تعرفك
والطرقات التي لم تشهد تفاصيل احزانك..
فتخذلك ذاكرتك
وترسم يداك وجوههم فوق الجدران
وفوق الرمال وفوق الجبال فتبكيهم
وتخاطب صورهم بسذاجة الاطفال..
فلا تنـــــــــــــــــــــدم
ان جردتك الدنيا منهم..
واصبحت في حياتهم عابر سبيل..
واصبحت تسكن قشور الذاكرة..
وهم يسكنونك كالدم..
ويعيشون..ويعيشون..
وأنت ما زلت تحتضر..وتحتضر..
شيع جثمان احلامك..وامسح دموع قلبك..
وامسح بكفك على جبينك..
وقبل رأسك في المرآة..
وقدم الزهور لنفسك..
وردد بتضرع شديد بينك وبينك:
ربي أن مســــني الضر وأنت ارحم الراحمين .
اوهم نفسك بنسيانهم حتى لو كنت غير قادر على نسيانهم
لكن حاول ..وحاول مرارا وتكرارا..
وأكذب على نفسك كل يوم..
وقل أنك ما عدت تشعر باليتم بدونهم..
وما عدت تشتاق لهم..
وما عدت تتقصى اخبارهم..
أقنع نفسك ان الم الفراق لا يدووم..
وقد لا يدوم الا قليلا... أو كثيـــــراً....
.وحاول أن توهم نفسك بأنك ولدت من جديد..
وأستقبل الحياة بثوب جديد ولون جديدوابتسامة جديدة..
وأخفي داخلك ذلك الممزق المتألم بكل انينه على فراقهم فأنه سيخفق بهم وبدونهم..
مهما غابت شمسهم..
ورحلت معها احلامك واحلامهم..
فأنتظر شروق يوم جديد بشمس جديدة واحلام جديدة ..
وأن طال بك ليلك ..
ثق ثقة عمياء بأنه لابد للشمس من ظهور..
لاتحزن ولا تندمو كفكف دموعك يوم يكون هذا اخر احزانك